العاصمة المالية لألمانيا ومسقط رأس غوته

فرانكفورت أصغر مدينة كبرى في العالم

من بعيد تستقبل ناطحات السحاب والأبراج الزجاجية زوار مدينة فرانكفورت مرحبة بهم. فهذه المدينة التي لعبت منذ قرون طويلة دوراً مهماً باعتبارها مركز تجاري معروف، هي اليوم أكبر مركز مالي على مستوى القارة الأوروبية، والعاصمة المالية لألمانيا. ومع ما تزخر به من ثقافات مختلفة تعيش إلى جنب بعضها البعض، يطغى التنوع على هذه المدينة ذات المناخ المضياف والمنفتح، حيث سيجد كل قادم إلى فرانكفورت من يتحدث لغته، كما سيجد مطعماً يقدم له طبقه المفضل.

 

 

جولة في الحي المالي

يرى معظم زوار فرانكفورت أن هذه المدينة الكبرى هي مدينة المال والمعارض الدولية الديناميكية وصاحبة أكثر مناظر الأفق إبهاراً في ألمانيا، حيث تزينها الأبراج الحديثة والأبنية الزجاجية البراقة وناطحات السحاب. ويمكنك أن تختبر ذلك بنفسك عندما تقوم بجولة على الأقدام في شارع "ماينهاتن" وعبر الحي المالي والبورصة، فهنا لديك الفرصة للتعرف على هذه العاصمة المالية، لاسيما وأن بورصة فرانكفورت تعتبر الأكثر نشاطاً في ألمانيا. ويتميز مبنى البورصة، الذي تم تشييده في نهاية القرن التاسع عشر، بالعديد من التماثيل والنقوش المتفردة.

وعادة تُتاح الجولات إلى سوق الأسهم الألمانية، من يوم الاثنين وحتى الجمعة، في الساعة العاشرة والحادية عشرة صباحاً والثانية عشرة مساء. ويُعتبر الحجز المسبق أمراً ضرورياً. وبالنسبة للمجموعات، فينبغي أن تتقدم بحجز مسبق قبل أربعة أسابيع.

وأثناء وجودك في الحي المالي، تأكد من القيام بزيارة إلى برج الماين، حيث أن المنظر من منصة المشاهدة هناك هو باختصار منظر يحبس الأنفاس، حيث ستحصل على مشهد بانورامي رائع لمدينة فرانكفورت والمناطق المحية بها بارتفاع يقارب المئتي متر فوق شوارع المدينة. وفي أمسيات الصيف اللطيفة، ستكون قادراً على مشاهدة المنطقة بأسرها، بما في ذلك إقلاع وهبوط الطائرات في مطار فرانكفورت الدولي.

كما ننصحك أيضاً بالتنزه عبر غرب الميناء "فيست هافن" وشرق الميناء "أُست هافن". فقد طال بعض التطور الحضري كلا طرفي مدينة فرانكفورت على مدى السنوات القليلة الماضية: مكاتب حديثة، أبراج سكنية، مطاعم عصرية ومرسى صغير يخط منطقة الميناء الغربية، بينما تمثل منطقة الميناء الشرقية ساحة بديلة تضم منافذ المصانع، المسارح والنوادي الليلية. وتعتبر النزهة عبر هذين الجانبين من النزهات التي يُوصى بها.

 

عالم التسوق والأطباق الذيذة

وعندما تختتم زيارتك الاستكشافية الخاصة بمنطقة فرانكفورت المالية، نوصيك بإعادة شحن طاقتك من خلال تناول الغداء في واحد من المطاعم في شارع "فرسغاس" أو شارع "شيلر شتراسه" في وسط المدينة، حيث ستجد في جادتي الطعام الخاليتين من السيارات مجموعة رائعة من المقاهي والمطاعم والحانات والمحلات التجارية الفارهة.

ويمكنك اغتنام الفرصة أيضاً للقيام بجولة تسوق مثيرة في شوارع المدينة الزاخرة بالأسواق والمراكز التجارية، التي تستقطب محبي وعشاق التسوق من كافة أنحاء العالم. وبغض النظر عما تبحث عنه، فإنك ستجد ضالتك حتماً. لذا ننصحك بأخذ نزهة عبر شوارع التسوق الأكثر شعبية في المدينة مثل: فريسغاس، وتسايل، وشارع "غوته شتراسه"، الذي يعتبر أفخم شوارع التسوق في فرانكفورت، حيث يضم أرقى المتاجر الحصرية ومحلات المصممين العالميين الراقية.

وإذا كنت تبحث عن التسوق بتكلفة أقل، فهناك مناطق أخرى مثل شارع "شفايتسر شتراسه" في منطقة "زاكسنهاوزن" وشارع "بيرغر شتراسه" في منطقة "بورنهايم". أما محلات بيع التذكارات والهدايا فستجدها في ساحة "رومربيرغ" الشهيرة وبالقرب منها.

كما ستحظى بتجربة ممتعة عند زيارتك أسواق المزارعين الخارجية التي تتواجد في الهواء الطلق، أو من خلال إلقاء نظرة على "كلاين ماركت هاله" أو ما يمكن أن نسميها "قاعة السوق الصغير"، التي تعتبر من الأسواق الشعبية الداخلية، والتي تفتح أبوابها يومياً من الاثنين إلى السبت.

أما أولئك الذين ما يزال لديهم الكثير من الطاقة، فسيكونون سعداء لمعرفة أن المدينة تحفل بمجموعة لا تحصى من النوادي والحانات التي يقع معظمها في وسط المدينة أو في شارع "هانوار لاند شتراسه"، أحد الشوارع الرئيسية في فرانكفورت. والشيء المؤكد هنا أنك ستجد بلا شك المكان المناسب لك.

 

تتويج الملوك واختيار الأباطرة

ويمكنك دخول التاريخ الألماني من خلال زيارة المكان الذي تم فيه تتويج ملوك ألمانيا واختيار أباطرتها لمئات السنين، أي كاتدرائية فرانكفورت التي كانت ولسنوات عديدة أطول مبنى في المدينة. أما اليوم فيوجد عدد لا يحصى من المباني الحديثة العالية وناطحات السحاب.

كما يمكنك زيارة صالة القيصر "كايسر سال" في قاعة رومر. ففي السابق، كانت قاعة الإمبراطور مكاناً ملكياً يلائم تتويج الأباطرة الألمان وأصحاب الوظائف المدينة التي لا حصر لها. واليوم تصطف على جدرانها صور من القرن التاسع عشر لحوالي 52 امبراطوراً ألمانياً، ابتداءً بـ شارلمان "الذي توج سنة 800" وانتهاء بـ فرانتس الثاني، الذي تنازل عن العرش عام 1806. وقد تم إعادة بنائها بأسلوب عصري تماماً.

وستحظى خلال جولتك في المدينة بفرصة الاستراحة على نهر الماين الذي يمر عبر فرانكفورت باسمه ومجراه. وبواسطة إحدى الرحلات النهرية مع خطوط فرانكفورت للرحلات البحرية ستتمكن من اكتشاف فرانكفورت عن طريق هذا الممر المائي الشهير. وتمتد الرحلات لمدة 50 أو 60 أو 120 دقيقة، حيث تغادر من جسر "أيزرنه شتيغ" وتعود إليه.

وبعبور النهر إلى الجهة الجنوبية ستصل إلى منطقة "زاكسنهاوزن"، حيث تجد العديد من الحانات والمطاعم التي تقدم المأكولات التقليدية وأنواع المشروبات اللذيذة. وعند تناول الطعام في منطقة "زاكسنهاوزن" القديمة ستعيش أجواء ذات نكهة خاص، فهذه المنطقة تمثل نموذج البساطة الألمانية ويوجد فيها العديد من الحانات والأزقة الضيقة والعمارة النصف خشبية الجميلة.

 

"ضفة المتاحف" وأجواء الأوبرا

وبطبيعة الحال، فإن التجول على ضفاف نهر الماين، سيمنحك فرصة زيارة "ضفة المتاحف" التي تضم متاحف متخصصة تحتوي معروضات ومنحوتات قيمة تلهب عشاق الثقافة والمتاحف. ومن أهم هذه المتاحف يبرز: متحف "شتيدل" الذي يحتوي مقتنيات تغطي حوالي سبعة قرون من الفن، ومتحف الهندسة المعمارية الألماني  الذي يعتبر الوحيد من نوعه في القارة الأوروبية ويعرض هذا المتحف على مدار السنة الهندسة المعمارية الحديثة الألمانية والأجنبية، وهناك أيضاً متحف النحوت القديمة الذي يقدم لمحة فريدة من نوعها لتطور فن النحت مع روائع المعروضات التي تمثل 5000 عام من فن النحت، ومتحف الفن الحديث الذي يشتمل على معروضات تمثل أروع أعمال الفن الأوروبي والأمريكي من حقبة ستينات القرن الماضي إلى الاتجاهات الحالية للفن العالمي المعاصر، وقاعة شيرن للفن التي تعتبر واحدة من أبرز قاعات المعارض الأوروبية وتسلط المعارض فيها الضوء على المواضيع الراهنة مثل: الانطباعية النسائية، التعبيرية، الدادائية والسريالية.

كما توفر المدينة مجموعة من خيارات الأوبرا، مثل: أوبرا فرانكفورت، المسرح الإنكليزي، الأوبرا القديمة. وتتصف أوبرا فرانكفورت الحائزة على جائزة، بأنها جزء لا يتجزء من الحياة الثقافية في فرانكفورت. أما المسرح الإنكليزي، الذي تأسس عام 1979، فهو يعد اليوم أكير مسرح باللغة الإنكليزية في القارة الأوروبية، وبدورها تحفل دار الأوبرا القديمة العريقة بالكثير من الفعاليات، حيث تستقبل عاماً بعد عام نجوم المسارح المحلييين والعالميين.

 

السير على خطى غوته!

وفي ظل هذه الأجواء الثقافية التي تتميز بها مدينة فرانكفورت المشهورة عالمياً بمعرض الكتاب الدولي، لا ينبغي أن تفوت فرصة زيارة "بيت غوته"، الذي يمثل مسقط هذا الأديب الكبير. فقد قضى هنا معظم حياته المبكرة في كتابة الأعمال الأدبية مثل رواية "آلام الشاب فرتر" وبدايات مسرحية "فاوست" الشهيرة. ولا تستغرب إن سمعت في هذا البيت الكثير من اللغات العالمية، فهذا المكان يزوره الكثير من المعجبين وعشاق الأدب والثقافة من كل قارات العالم.

وقد وصف غوته في كتابه "الشعر والحقيقة" يوم مولده بقوله: "في 28 أغسطس من عام 1749، عندما دق جرس الثانية عشرة، ولدت في فرانكفورت أم ماين...". وعلى الرغم من أن علاقة غوته مع مدينة مولده كانت متناقضة في وقت لاحق، إلا أنه يظل دائماً مكان طفولته وشبابه. فهنا كان يجوب الشوارع في الجزء القديم من المدينة، مختبراً الإثارة المحيطة بالتحضيرات للانتخابات الملكية وتتويج الأباطرة.

وبملاصقة "بيت غوته" مباشرة يقع "متحف غوته" الذي يعرض مجموعة واسعة من المخطوطات والصور واللوحات والوثائق التي تمثل حياته وأوقاته كما يحتوي على العديد من الأعمال الفنية، مما يوضح العلاقة الوثيقة بين الأديب والفن والفنانين.

ولتتبع خطى هذا الأديب، ننصحك في هذا الصيف القيام برحلة بحرية مفعمة بالحنين إلى منطقة "هوكست"، إذ تنطلق القوارب من وسط المدينة بشكل منتظم وتحديداً من جسر "أيزرنه شتيغ". ففي شبابه كان غوته يبحر مع أصدقائه في الكثير من الأحيان على متن زورق السوق ليقضي المساء في واحد من النزل الكثيرة المنتشرة حول ساحة قلعة "هوكست" أو للقيام بزيارة مصنع هوست للخزف. ولم تتغير البلدة القديمة من "هوكست" كثيراً منذ أيام غوته. فالنزل الغارقة في التقاليد والمحيطة بالساحة الرئيسية والمعالم المنتشرة على ضفاف نهر الماين، والقلعة التي ترجع إلى القرن السادس عشر، وكنيسة سانت جستن من القرن الثامن، ومصنع الخزف العالمي الشهير، كلها تدعوك للتنزه حول هذا الجزء الغربي من فرانكفورت.

ولا تنسى أن تجرب وجبة غوته المفضلة التي تتألف من الصلصلة الخضراء الفرانكفورتية مع لحم البقر والبطاطا، فهي بالفعل وجبة لذيذة جداً.

 

فرص استكشافية مثيرة

وللتعرف على وجه آخر من وجوه فرانكفورت، ننصحك بزيارة حديقة الحيوانات في فرانكقورت التي ستمنحك فرصة الاسترخاء قليلاً بينما تتجول مشياً على الأقدام عبر واحدة من أقدم حدائق الحيوانات في ألمانيا. فهذه الحديقة تأسست في عام 1858، واكتسبت شهرة كبيرة باعتبارها واحدة من أهم حدائق الحيوانات في أوروبا.

وبدورها، فإن حديقة فرانكفورت النباتية الشهيرة، تعتبر أيضاً من الأماكن التي تستحق الزيارة. فقد تأسست من قبل مواطني فرانكفورت في عام 1868. وستتعرف هنا على طائفة واسعة من المناطق المناخية داخل منطقة الحديقة على مساحة أكثر من 200 هكتار و9000 متر مربع من المساحة الخضراء.

وفي جناح الموسيقى في هذه الحديقة، سوف تستمتع بحضور واحدة من الحفلات الموسيقية التي تقام فيه، إذ ما تزال سلسلة الحفلات الشعبية التي يُطلق عليها اسم "جاز في حديقة النخيل"، تجذب أساطير الجاز منذ العام 1959. وهناك أيضاً الكثير من المجموعات الموسيقية التي تقيم حفلاتها هنا بشكل منتظم.

وتأكد أثناء وجودك في فرانكفورت أن تأخذ بعض الوقت أيضاً لاكتشاف منطقة الراين- ماين الجميلة، حيث تحيط بالمدينة العديد من مدن الحمامات التاريخية، التي تقدم مجموعة واسعة من فرص الاسترخاء والاستجمام. فهناك يوجد: مركز الفن "دارمشتادت"، موطن المنتجعات العريقة "فيسبادن"، المدينة الكاتدرائية لـ "ماينتس"، ومرافق المنتجعات في "باد هومبورغ"، حيث ستتمكن من التعرف على المعالم السياحية الجذابة والشهيرة وستحظى بعدد لا يحصى من الفرص الترفيهية.

ويسري الأمر نفسه على المناطق المحيطة، مثل تلال الـ "تاونوس"، حيث ستتمتع بالسير على الأقدام لمسافات طويلة في المسارات المخصصة لذلك، بالإضافة إلى وجود المسارات الجبلية الخاصة بالدراجات الهوائية.

وأمامك أيضاً فرصة لاكتشاف منطقة "راينغاو" والقيام بجولة منظمة في مناطق "كيدريش"، "رودسهايم"، "آسمانسهاوزن" وغيرها.

أما إذا كنت لا ترغب بمغادرة المدينة وبدلأ من ذلك تود التعرف على فرانكفورت نفسها بشكل أوسع، فلماذا لا تحجز جولة فردية في واحد من أحياء مدينة فرانكفورت؟ فهنالك الكثير من المناطق المثيرة التي يمكن أن تستكشفها مع الدليل السياحي حيث ستحصل بالتأكيد على معلومات فريدة لا يعرفها حتى معظم سكان فرانكفورت! وتشتمل الخيارات الأخرى على جولات ذات مواضيع محددة مثل: "العمارة في فرانكقورت"، "فرانكفورت.. مدينة الرياضة" وغير ذكر.

 

 

مطار فرانكفورت الدولي "Flughafen Frankfurt am Main":

يعد أكبر مطار في ألمانيا وثاني أكبر مطار في أوروبا، ويمثل محوراً هاماً للمواصلات الدولية. وفيه تجد كل ما تحتاجه من وسائل النقل، فهناك محطة للقطار السريع "إنتر سيتي إكسبريس" ومحطة للقطار الإقليمي في مبنى الركاب رقم واحد، كما توجد محطة حافلات أمام قاعات الوصول في المبنى، بالإضافة إلى وجود حافلة المطار الخاصة بشركة الـ "لوفتهانزا" والتي تقوم بنقل الركاب أكثر من مرة خلال اليوم من وإلى مناطق مختلفة بغض النظر عن شركة الطيران التي كان الراكب يسافر على متنها، ناهيك عن وجود عدد كبير من سيارات الأجرة.

 

 

بطاقة فرانكفورت:

هي بطاقة توفير رائعة، حيث تسمح لك باستخدام نظام النقل العام في المدينة مجاناً في حين تقدم لك العديد من التخفيضات عند دخول المتاحف أو القيام بجولات مشاهدة المعالم السياحية وغير ذلك الكثير من المميزات الجذابة. وتتوفر هذه البطاقات كبطاقات خاصة بالأفراد أو المجموعات، كما يمكنك الحصول عليها من أحد مكاتب الاستعلامات السياحية المتواجدة في محطة القطارات الرئيسية أو في ساحة "رومربيرغ".