بعد أكثر من 50 عاما

قرب الانتهاء من مشروع ألماني ضخم لفهرسة مخطوطات شرقية نفيسة

(د ب أ) - بعد أكثر من 50 عاما من العمل المتسم بالدقة الشديدة ، يقول متخصصون ألمان إنهم شارفوا على الانتهاء من جهودهم الرامية لجعل المخطوطات غير المسجلة سابقا والتي كتبت بخطوط ولغات شرقية يمكن الوصول إليها من خلال فهارس مطبوعة. فإذا سارت الأمور بشكل جيد وكان من الممكن استمرار الحصول على تمويل، فقد يتم الانتهاء من المشروع الضخم في عام 2022.

ويمكن العثور على مجموعات شاملة من المخطوطات الشرقية في مكتبات ألمانية لأن الكثير من الكتب في العالم العربي كانت تنسخ بجهد جهيد باليد حتى القرن الـ 20، في وقت كانت فيه الطباعة راسخة منذ وقت بعيد في أوروبا. وتمتلك مكتبة ولاية برلين أضخم مجموعة من المخطوطات الشرقية والطباعة البارزة في ألمانيا: نحو 42 ألف مخطوطة في الإجمالي.

وكانت قواعد فهرسة المخطوطات الشرقية في مجموعات ألمانية (المعروفة اختصارا بالالمانية "كيه أو إتش دي")، والتي اقترحها مستشرقون ألمان في عام 1957، مشروعا للبحث اضطلعت به أكاديمية جوتينجن للعلوم منذ عام 1990. وقد نشر "كيه أو إتش دي" حتى الآن أكثر من 140 مجلدا من الفهارس، فضلا عن دراسات تتعلق بمخطوطات محددة.

ويتخصص باحثون في جامعة ينا في مخطوطات عربية. وفي جامعات ألمانية أخرى، يجري حاليا دراسة اللغات التركية القديمة، والقبطية، والإثيوبية، والمصرية، والسنسكريتية، والسنهالية، والفارسية، والويجور، والهندية، والعبرية، والصينية، والتبتية، و المخطوطات البورمية، من بين لغات أخرى كثيرة.

ويشرف العالم الإسلامي تيلمان زايدن شتيكر على العمل في ينا.

ووفقا لهيلجا ريبان، مديرة قسم اللغات الشرقية والآسيوية في مكتبة ولاية بافاريا، فإن هذا المشروع يعد في غاية الأهمية للمكتبات والمجتمع العلمي.

وقالت ريبان إن مجموعة المخطوطات البافارية تشمل نحو 17 ألف مخطوطة شرقية وشرق آسيوية، أقدمها يرجع تاريخها إلى القرن الثامن. ومن بين هذه المخطوطات هناك مخطوطات باللغة الجاوية القديمة ومخطوطات مهترئة للغاية كتبت على سعف النخيل.

وأضافت ريبان ان "كيه أو إتش دي مشروع فريد من نوعه على مستوى دولي أيضا"، مشيرة إلى أنه ضم مخطوطات تتراوح من المغرب إلى اليابان ، كتبت بمجموعة من اللغات. وتابعت قائلة إنه لذلك يجب أن يستمر التمويل من قبل حكومة ألمانيا الاتحادية وحكومات الولايات، حيث من المقرر حاليا أن ينتهي هذا التمويل في عام 2015.

وأوضحت انه "نظرا لقيود حقوق النشر، فإن رقمنة الفهارس ليست ممكنة بعد، وهو الأمر الذي يعوق إتاحتها عبر الإنترنت".

واشار زايدن شتيكر إلى أن بعض الوثائق تحظى بأهمية لا تقدر بثمن وبعضها غير معروف تماما حتى الآن. واستشهد زايدن شتيكر بتقرير صادر عن إمام من اسطنبول والذي انتهى به المطاف دون قصد في البرازيل في ستينيات القرن التاسع عشر بعد أن ضربت عاصفة سفينته أثناء إبحارها حول أفريقيا. وأضاف زايدن شتيكر أن رواية هذا الإمام عن تعاملاته مع غيره من المسلمين هناك تعد شهادة تاريخية هامة للثقافة الإسلامية في أمريكا الجنوبية.

يذكر أن أمراء ألمان كانوا قد حصلوا قديما على مخطوطات شرقية من أجل مكتباتهم. وفي وقت لاحق، جمع علماء ألمان أعدادا كبيرة منها، أثناء رحلاتهم على سبيل المثال. وتمتلك مكتبة جوتا للبحوث في جامعة إيرفورت، في ولاية تيرينجين الألمانية، مجموعة قيمة خاصة من هذه المخطوطات. ومن بين هذه المخطوطات، بحسب زايدن شتيكر ، مصاحف نفيسة مخطوطة في صفحات عريضة ترجع إلى القرنين الثامن والعاشر.

وعلى الرغم من أن المخطوطات في ولاية تيرينجين قد تم حاليا فهرستها تماما، إلا إنه لا تزال هناك ثغرات في المجموعات الموجودة في مكتبات ألمانية أخرى. لكن "كيه أو إتش دي"، وفقا لزايدن شتيكر، قد دخل مرحلته النهائية. وأضاف زايدن شتيكر: "لقد قدمنا خطة للانتهاء من المشروع في سبع سنوات"، لافتا إلى أن هناك قرارا سيتم اتخاذه هذا العام بشأن عملية التمويل بعد عام 2015.