تعاون متعدد الوجوه

مشاركة فعالة للخبرات والمنتجات الألمانية في الإمارات

تقتصر العلاقات بين ألمانيا والإمارات على الجوانب السياسية والاقتصادية، بل إن العلاقات الثنائية بين البلدين تطورت كثيراً في السنوات الأخيرة لتطال العديد من القطاعات والمجالات المتنوعة. ولكن لابد من القول إن الفضل في ذلك يعود بشكل كبير إلى التبادل التجاري بينهما، حيث يعتبر أحد أهم العوامل التي دفعت إلى تقوية العلاقات في الكثير من المجالات الأخرى لاسيما في الطاقة المتجددة والمجال الثقافي.

 

 

حضور ألماني متنوع

تحظى مجالات كالبحث العلمي والطاقة وتحلية المياه بأهمية خاصة من البلدين، إلا أن المشروعات بينهما تمتد إلى القطاعات الثفافية والتعليمية والسياحية والبيئية والتجارية والصناعية، فالصناعة الإمارتية مثلاً تعتمد بشكل أساسي على التقنيات الألمانية الحديثة التي تحظى بثقة كبيرة في السوق الإماراتي، لاسيما مع ما تتميز به الشركات الألمانية من خبرة عميقة وسمعة عالمية طيبة.  فمثلاً، شاركت أكثر من 30 شركة ألمانية في بناء "برج خليفة" في مدينة دبي، والذي يعتبر أعلى مبنى في العالم. ومعظم الشركات التي ساهمت في بنائه هي من فئة الشركات المتوسطة الحجم. وبالتالي فإن هذا البرج يحتوي على الكثير من الخبرة الألمانية، سواء أكان ذلك من خلال عمل الشركات الألمانية على أرض الواقع أو من خلال منتجاتها وتقنياتها، ونذكر من هذه الشركات: "باور"، "هونيبك"، "آردكس"، "كناوف"، "ميفا"، "تورنر" التي تعتبر فرع من شركة "هوخ تيف"،  "كانايزن غيزلشفت"، "فيشر"، "هالفن"، "جي إي إيه" "Gea"، "لوبارك"، "دورافيت" "Duravit"، "مولهان" "Muehlhan"، "هانس غروهه"، "دورنبراخت"، "ميله"، "سيمونسفيرك"، "كارل إدوارد شولته"، "هيب".

وتنوعت مساهمات الشركات الألمانية في هذا المشروع بين أعمال الحفر والبناء، وتقنيات الوصل، ومواد البناء الخاصة بمعجون وطلاء الأرضيات ومواد اللصق والعزل، ومواد البناء الخفيفة والجدارن والجبصين، والقوالب الاسمنتية، وخطوط الإرساء للمصاعد، والأسافين، وأجزاء الواجهة، ووحدات التبريد، وخشب الأرضيات، والتجهيزات الصحية، ومعدات ولوازم الفتح والإغلاق الخاصة بالحمامات والمطابخ، وصنابير المياه، بالإضافة طبعاً إلى الأشياء الخاصة بفندق "ارماني" مثل مقابض الأبواب وأحواض الحمامات والأجهزة المنزلية والإطارات ومفصلات الأبواب، وغير ذلك من المنتجات والتقنيات.

كما تتواجد الشركات الألمانية في السوق الإماراتي وتبدي اهتمامها به بشكل كبير. فعلى صعيد قطاع البنوك، فإن "دويتشه بنك"، أكبر البنوك الألمانية من حيث الميزانية وعدد الموظفين، كان قد عزز تواجده في منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي بافتتاح فرع جديد له في أبوظبي، الأمر الذي يعكس الاهتمام الذي يوليه هذا البنك الألماني العريق بتعزيز العلاقات الاقتصادية المشتركة مع دولة الإمارات، ويعكس في الوقت ذاته متانة الاقتصاد الإماراتي وقدرته على التعامل مع الأزمات العالمية والاقتصادية. ويقدم الفرع الجديد جملة من الخدمات المصرفية كالتعاملات المصرفية التجارية من أجل تمويل المشاريع وإيجاد حلول مالية نقدية.

وكان لثاني البنوك الألمانية الكبيرة "كوميرتس بنك"، الذي اندمج في منتصف عام 2009 مع "دريسدنر بنك"، اهتماماً بمنطقة الشرق الأوسط، وبالتحديد دبي على اعتبارها نقطة جذب هامة لقطاعات الاقتصاد كافة، فكان فرع مركز دبي المالي العالمي هو المكان الأمثل لهذا البنك العريق من أجل الوصول إلى أسواق الاستثمار العالمية. ويقوم فرع "كوميرتس بنك" في دبي بتوفير وصول العملاء المباشر إلى الخدمات المصرفية الاستثمارية.

من جهة أخرى، تعمل شركة القطارات الألمانية "دويتشه بان" على تعزيز التعاون المشترك مع دولة الإمارات، وذلك من خلال إعداد وبناء نظام للسكك الحديدية في الإمارات، حيث تم إقرار هذا التعاون من خلال توقيع مذكرة التفاهم بين "دويتشه بان" ودولة الإمارات، في مارس الماضي في العاصمة أبوظبي.

أما شركة الطيران الألمانية الـ "لوفتهانزا"، التي تعتبر من كبرى الشركات العالمية، فهي تتمتع بعلاقة مميزة مع دولة الإمارات، خاصة وأنها تسير رحلاتها إلى هذا البلد منذ 34 عاماً، عندما حطت أول طائرة لشركة لوفتهانزا في دبي يوم 3 مايو 1976.

وبالنسبة لقطاع السيارات، فإنه لدى شركة "بورشه" مكتباً في إمارة دبي، حيث "تأسس مكتب بورشه الشرق الأوسط وإفريقيا في دبي في العام 1999 بهدف تقديم الدعم لشركاء الشركة في المنطقة. ويقدم الدعم الاستراتيجي والتشغيلي لكل دول الشرق الأوسط والمشرق العربي والهند وباكستان وإيران وإفريقيا" وذلك بحسب ديش بابكي، العضو المنتدب في شركة بورشه الشرق الأوسط وأفريقيا، الذي يضيف "لدينا في هذه المنطقة قاعدة من العملاء الشغوفين بسياراتنا، وقد قمنا بإدخال أكثر من 24,000 سيارة إلى أسواق منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا بأكملها منذ العام 2003".

ويرى بابكي أن المنتجات الألمانية تعد رائدة على عدة أصعدة تشمل التقنية والنوعية والمصداقية، وينطبق هذا بشكل كبير على صناعة السيارات. ويقول إن "الناس في هذه المنطقة يقدرون منتجاتنا وهم في ترقب دائم لطرازاتنا الجديدة. ونحن ممتنون للثقة بعلامتنا التجارية ومجموعة منتجاتنا، مما يلقي على عاتقنا مسؤولية أكبر لجعل حضورنا المحلي يمتاز بالمهنية والمصداقية وعلاقات مباشرة مع العملاء".

وفي عام 2005، قامت مجموعة فولكس فاغن التي يقع مقرها الرئيسي في مدينة فولفسبورغ وتعتبر إحدى الشركات العالمية الرائدة في صناعة السيارات، بتأكيد التزامها بعملائها وشركائها في المنطقة من خلال افتتاح المكتب الإقليمي لفولكس فاغن الشرق الأوسط والذي يتخذ من دبي مقراً له مشرفاً بذلك على 11 سوقاً. ومنذ ذلك الحين، واصلت فولكس فاغن التوسع في وجودها في الشرق الأوسط، حيث أعلنت مؤخراً عن شراكتها الرسمية مع الشركة الوطنية لتجارة السيارات، إحدى شركات مجموعة معين بهبهاني بصفتها الموزع الرسمي لفولكس فاغن في العراق. ومنذ أن تم بيع  السيارة الخنفساء (البيتل) الأولى في الشرق الأوسط منذ سنوات عديدة، سعت فولكس فاغن باستمرار لتوسيع نطاق مجموعتها من أجل تلبية مطالب الزبائن على المستوى الفردي. وكان آخرها العلامة التجارية الجديدة الـ"طوارق"، التي أُطلقت مؤخراً على الصعيد الإقليمي في حفل حصري أقيم في الإمارات. وتمثل الـ"طوارق" حجر الزاوية في خطط الشركة في المنطقة، وجزءاً لا يتجزأ من توسيع وجودها في الشرق الأوسط.

أما فيما يتعلق بتقنية تكرير البترول وإنتاج الغاز الطبيعي، فإن شركة "وينترسهال القابضة" التي تعد أكبر منتج للنفط الخام في ألمانيا وإحدى شركات مجموعة BASF، قامت قبل عدة شهور بافتتاح مكتبها الجديد في العاصمة الإماراتية أبوظبي، التي تعد أحد أهم مراكز عمليات النفط والغاز في منطقة الخليج، وذلك بهدف تعزيز علاقاتها مع الحكومات والمؤسسات الوطنية للنفط والشركاء وتماشياً مع جهود الشركة المستمرة لتوسيع أنشطتها في المنطقة. ولا يُعتبر تواجد وينترسهال في دولة الإمارات حديث العهد، بل يعود إلى عهود من النشاطات في دبي ورأس الخيمة والشارقة. وقد تركت "وينترسهال" بصمتها في أنحاء العالم بمزيج من التكنولوجيا المتطورة وأساليب الإنتاج المبتكرة لتحسين العائدات من الخزائن النفطية.

ولابد من الإشارة إلى أن الشركة تقوم بمشاريع ناجحة خارج ألمانيا، فهي تستخرج النفط والغاز الطبيعي في أوروبا وشمالي أفريقيا وأمريكا الجنوبية وروسيا. وتسعى إلى توسيع استغلال خبراتها في هذا المجال في منطقة الشرق الأوسط، نظراً لأهمية هذه المنطقة، والقيام بمشاريع تنقيب واستخراج النفط والغاز طويلة الأمد في منطقة الخليج.

وعلى الرغم من تحديات المنافسة التي تواجه الشركات العاملة في هذه التخصصات، إلا أن شركة "وينترسهال" تمتلك من المقومات ما يجعلها تنافس، بل تتفوق على غيرها من الشركات التي تعمل في هذا المجال في المنطقة، فهي شركة ذات جودة عالية وعلى مستوى عالمي في مجال التنقيب والاستخراج، كما أنها تمتاز عن قريناتها كونها تجمع بين التقنية الحديثة وطرق الاستخراج المبتكرة التي تزيد الإنتاجية حتى في الآبار النفطية المعقدة.

وتتفوق "وينترسهال" في مجال الحفريات، حيث أنها ابتكرت تقنيات متقدمة تجعلها شركة رائدة في هذا المجال، يضاف إلى ذلك العراقة والخبرة التي تمتلكها الشركة والتي تسعى إلى تطبيقهما في منطقة الخليج.

وتشجع الشركة النفط والغاز، وتنظر إلى الغاز باعتباره دعامة الطاقة للقرن 21، حيث أنه بالمقارنة مع غيره من المواد الأحفورية، فإنه الأقل إنتاجاً لثاني أوكسيد الكربون. ولذلك فهناك حاجة لمزيد من الغاز الطبيعي لحماية المناخ، لاسيما وأنه نظيف وزهيد الثمن، وبالنظر إلى نسبة الاحتياطي غير المستغلة، فيمكن اعتبارها كافية. ويمكن للغاز أن يكون الأنظف من بين مصادر الطاقة الأحفورية، وترى "وينترسهال" أن الغاز يُعتبر شريكاً طبيعياً للطاقة المتجددة والطاقة الخضراء. كما تساهم  باسف (BASF) في الحد من الطلب على الطاقة في مدينة "مصدر"، التي تعد أول مدينة في العالم خالية من الكربون والنفايات، وذلك بالإعتماد على منتجاتها وحلول البناء المستدام والكفوء في إستخدام الطاقة.

 

تلاقي مثالي في الطاقة المتجددة

ويبدو أن تطور قطاع الطاقة في الإمارات واهتمامها الكبير بتطوير الاستثمار في هذا المجال يتلاقى بشكل مثالي مع التقنيات الألمانية المتقدمة في مجال تكنولوجيا البيئة والطاقة المتجددة، مما يوفر أُسساً ممتازة للتعاون المثمر بين البلدين في مختلف المجالات المذكورة، لاسيما أن السنين الماضية كانت قد شهدت العديد من اللقاءات والاجتماعات وورش العمل الألمانية الإماراتية في مجال الطاقة بهدف التعرف على الفرص المتاحة للتعاون بين الشركات الإماراتية والألمانية في مجال اقتصاد الطاقة.

والجدير بالذكر أن أكثر من 70 شركة ألمانية شاركت في "القمة العالمية لطاقة المستقبل" التي استضافتها العاصمة الإماراتية أبوظبي من 18 إلى 21 من شهر يناير هذا العام، وشارك مصرف "دويتشه بنك" فيها بوصفه راعٍ رئيسي للدورة.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الشراكة الاستراتيجية الألمانية مع الإمارات تعد عنصراً مهماً في السياسة الخارجية الألمانية، حيث أن التعاون بين منتجي الطاقة ومستهلكيها والدول التي تمر عبرها وصولاً إلى توفير الطاقة المستدامة، تمثل موضوعات محورية في هذه السياسة. وتلعب الإمارات دوراً بارزاً في هذا المجال، حيث تعتبر واحدة من أهم منتجي الوقود الأحفوري على مستوى العالم، كما إنها تبذل ومنذ وقت طويل جهوداً حثيثة لتنويع مصادر الطاقة لديها. ويتضح اهتمام الإمارات بالتحول إلى الطاقة المستدامة من خلال مشاريعها الكبيرة مثل "مدينة مصدر"، مما يجعلها شريكاً جذاباً لألمانيا في مجال الطاقة المتجددة.

ومن الخطوات المهمة في هذا المجال هو إطلاق الصندوق الألماني الإماراتي للاستثمار في مجال الطاقة النظيفة من قبل شركة أبوظبي لطاقة المستقبل (مصدر) ومصرف دويتشه بنك الألماني للاستثمار في أسهم مشروعات الطاقة النظيفة، إذ يسعى صندوق (دويتشه بنك مصدر للطاقة النظيفة) إلى جمع الخبرات العملية الهامة والمجالات التي تشملها مبادرات (مصدر) مع القدرات المتقوقة في مجال إدارة الأصول العالمية والأبحاث المتخصصة التي يتميز بها دويتشه بنك. ويهدف الصندوق إلى خلق شراكات استثمارية متنوعة ومحفظة للأسهم المالية تشمل عدداً من أفضل الشركات المتخصصة في تقنيات الطاقات النظيفة والمتجددة في العالم وأكثرها نجاحاً وريادة في هذا المجال. وسيعمل الصندوق على الاستثمار في توسيع نشاطاته في عدد من القطاعات الحيوية مثل شركات الطاقة النظيفة (توليد الكهرباء، والتخزين) والموارد البيئية (الماء، وإدارة النفايات) وكفاءة الطاقة والمواد المستخدمة (المواد المتطورة، كفاءة استهلاك الطاقة في البنايات وشبكات توزيع الكهرباء وتفعيل التقنيات). واستقطب الصندوق استثمارات من كبرى المؤسسات العالمية وعلى رأسها شركة سيمنس الألمانية.

 كما تمثل اتفاقية الشراكة الاستراتيجية في مجال إنتاج مواد البناء الصديقة للبيئة بين شركتي "باير ماتريال ساينس" وشركة "مصدر" نموذجاً للاستغلال الأمثل للطاقة ومثالاً للتعاون الاستراتيجي الذي يهدف إلى تحقيق البناء المستدام.

وتُعتبر شركة "باير ماتريال ساينس" بحجم نفقات قدره 9,7 مليار يورو في عام 2008 واحدة من أكبر الشركات في مجال البوليمرات عالمياً. ويتركز نشاط الشركة في إنتاج مواد عالية التقنية من البوليمرات وكذلك تطوير حلول مبتكرة للمنتجات التى نستخدمها في كافة مجالات الحياة اليومية. وهي مورِّد معروف على مستوى العالم للمواد التى تستخدم في البناء.

بدورها تتمتع ولاية "تورينغن" الألمانية بعلاقات متينة مع الإمارات، نظراً لإمكانيات التعاون الكبيرة في مجالات الطاقة المتجددة، وبشكل خاص التعاون مع "مصدر" في مجال الطاقة الشمسية. وكانت العلاقات بين الطرفين قد تطورت بُعيد اختيار "مصدر" لـ "تورينغن" مقراً استراتيجياً لمصنع إنتاج للخلايا الشمسية، على أن يتم إنشاء مصنع مماثل في أبوظبي. وقد لعبت ولاية "تورينغن" دوراً رائداً في تطوير الطاقة الشمسية، حيث أن أكثر من 15% من استهلاك الطاقة الرئيسي فيها يتم تأمينه بواسطة مصادر بديلة للطاقة. إضافة لذلك، تصنّع "تورينغن" 20% من صناعة الطاقة الشمسية الألمانية، و10% من تلك الخاصة بأوروبا.

كما قامت شركة "مصدر" المختصة بتطوير تقنيات وحلول الطاقة المتجددة والتنمية المستدامة والمملوكة بالكامل من قبل شركة مبادلة للتنمية، وشركة "إي أون" مؤخراً بالإعلان عن تأسيس مشروع مشترك بإسم "إي أون مصدر التتكاملية للكربون" "EMIC" بهدف تطوير مشاريع الحد من الإنبعاثات الكربونية في السوق العالمي.

وتعد شركة "إي أون" أحد أكبر شركات العالم المملوكة لمستثمرين في مجال الطاقة والغاز. ويقع مقر شركة "إي أون" للمناخ والطاقة المتجددة في مدينة دوسلدورف الألمانية وهي تعد كذلك مسؤولة عن الأنشطة العالمية لحماية المناخ.

وستركز شركة "EMIC" التي ستتخذ من مدينة مصدر بأبوظبي مقراً لها، على الاستفادة من فرص النمو في سوق الكربون من أجل تحويل الإنبعاثات الكربونية إلى أصول قابلة للتداول عن طريق تحسين كفاءة استخدام الطاقة في المنشآت الصناعية. كما ستقوم الشركة بتمويل وتطوير وتنفيذ المشاريع في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا، مع التركيز بصفةٍ خاصة على توليد الطاقة والنفط والغاز. وسيعمل المشروع على خفض الإنبعاثات الكربونية عن طريق تحويل الكربون إلى أصول نقدية وفق متطلبات آلية التنمية النظيفة التابعة للأمم المتحدة أو وفق أي آلية يتم التوصل إليها في المستقبل حول المناخ.

وستعمل "EMIC" على الاستفادة من مواطن القوة لكلا الشركتين لتحديد وتطوير الفرص المتاحة في الأسواق المستهدفة. وستركز المشاريع على التقنيات ذات الإمكانية العالية لخفض الانبعاثات الكربونية كاستبدال الوقود والدورة المفتوحة والمشتركة لتحويل التوربينات الغازية والحد من تسرب أنابيب الغاز واشتعال الغاز.

ومن الجدير بالذكر أن سوق الكربون العالمي شهد نمواً حاداً في السنوات الأخيرة، حيث بلغت قيمة تجارة الكربون 168 مليار دولار أمريكي في عام 2009، أي بزيادة قدرها 68% عن عام 2008.

وبدورها، فإن شركة " تيكيم"  الألمانية "Techem" التي تتخذ من دبي مركزاً لأحد فروعها منذ العام 2007، تلعب دوراً مهماً في سوق الإمارات، حيث تساهم في العمل على إيجاد الحلول والتقنيات التي تدعم عملية توفير حجم استهلاك الطاقة وتساعد المستهلكين على التوفير. وقد استفادت "تيكيم" من سمعتها التي تجاوزت حدود بلدها ألمانيا عندما قررت دخول سوق منطقة الشرق الأوسط، فهي إحدى الشركات الرائدة، خصوصاً في السوق الأروربي، لذا لم يكن مستغرباً أن تلاقي الترحيب في الإمارات التي تعد أيضاً دولة تولي أهمية خاصة للطاقة الخضراء في المنطقة وتفاجئ العالم يوماً بعد يوم بمشاريعها التي تصب في هذا المنحى وتدعمه بكافة الإمكانات والتدابير، لا سيما وأن البيئة في الإمارات تعتبر خصبة لمشاريع من هذا القبيل. ويقول هانس ألتمان، المدير الإقليمي لشركة "تيكيم" في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا "لدينا تعاون ناجح مع شركات التطوير الرئيسية وصانعي القرار في مجال بناء العقارات لقناعتهم بضرورة إيجاد حلول مستدامة مثل خدمات الطاقة التي تقدمها شركتنا". وبخصوص خفض استهلاك الطاقة في الإمارات ينوه ألتمان إلى أن "تيكيم" أجرت محادثات مع شركات وجهات مختلفة لتحقيق الكفاءة في استخدام الطاقة وتوفير التكاليف حسبما تقتضي الحاجة.

 

مشاركة علمية وبحثية  

من جهة أخرى، تتواجد "فراونهوفر غيزلشافت" في دولة الإمارات كمنظمة رائدة في مجال الأنشطة البحثية والعلمية الألمانية، وتعد أيضاً واحداً من أكبر معاهد ومراكز أبحاث التكنولوجيا والابتكار في العالم، حيث تدير 59 معهداً في مواقع مختلفة في ألمانيا، تركز كل منها على مجال معين من مجالات التطبيقات العلمية. ومع أكثر من 17 ألف خبير وميزانية أبحاث تبلغ أكثر من 1.5 مليار يورو، تقدم "فراونهوفر" للإمارات فرصاً ممتازة للتعاون في مجال العلم والصناعة. وهناك شراكات استراتيجية بين معهد "فراونهوفر" ومجموعة س.س. لوتاه وأيضاً مع مجمع التقنية في دبي ومبادرة مصدر، إضافة إلى علاقات وثيقة مع شركاء آخرين مثل مركز الخليج للأبحاث ومؤسسة الإمارات للعلوم والتقنية المتقدمة، ومطور مشروع "كلايندينست وشركاؤه" "Kleindienst & Partner"، وسيدرز مستشفى جبل علي الدولي، وأيضاً مع جامعات وكليات وشركات استشارة محلية.

وثمة دور رئيسي يقوم به مكتب "فراونهوفر" في دبي، حيث يعمل على بناء جسور التعاون بين الشركاء المحليين والألمان بالإضافة إلى عملية الإشراف والتنسيق. ويرأس هذا المكتب الدكتور ديتر فوكس، الذي يشغل أيضاً منصب رئيس الرابطة العالمية لمنظمات البحوث الصناعية والتقنية "WAITRO".

وتكمل "فراونهوفر" التزاماتها وأنشطتها في المنطقة مع جملة من الأنشطة الإضافية مثل تعزيز البتادل الطلابي بين الإمارات وألمانيا، والجمع بين التدريب والمحاضرات بالإضافة أيضاً إلى المشاريع والدراسات الثقافية المشتركة.

وفي هذا الإطار يقول الدكتور ديتر فوكس، مدير عام "فراونهوفر" الشرق الأوسط: "من خلال تعاوننا الاستراتيجي مع "عالم المناطق الاقتصادية" في دبي، وبشكل خاص "مجمع التقنية" في دبي لبناء معهد دبي للتكنولوجيا،، وبالتعاون مع مجموعة "س. س. لوتاه"، والتعاون مع "مدينة مصدر" في أبوظبي، وكذلك مع مبادرات مميزة كالمبادرة الألمانية التي من المخطط إقامتها في شهر ديسمبر 2010، والمتمثلة في "تحدي العلوم للشباب" "Youth Science Challenge" والتي هي عبارة عن مسابقة تقنية للمواهب الطلابية، وغيرها من الأنشطة، نقدم واحدة من الأعمدة الصلبة من أوجه التعاون الثنائي بين ألمانيا والإمارات، والتي تتعدى المصالح الاقتصادية البحتة. وبدوري المزدوج كرئيس للرابطة العالمية لمنظمات البحوث الصناعية والتقنية "WAITRO"، فإننا نجحنا أيضاً من خلال هذا الدعم الألماني، في جلب الاجتماع السنوي 2010 إلى دبي، بمشاركة ألمانية دولية قوية، إذ ستحضر هذا الحدث أيضاً وزيرة التعليم والبحوث الألمانية آنيته شافان، برفقة وفد من 40 عضواً من رؤساء وخبراء العلوم والجامعات الألمانية. وهناك موقع إلكتروني خاص بهذا الحدث هو: www.waitrodubai2010.com".

 

آفاق ثقافية وتعليمية

وإلى جانب الخبرة في مجال التطبيقات العلمية والبحثية والتقنيات الألمانية المتطورة التي تستفيد منها القطاعات الإماراتية المختلفة، هناك حضور للجهات والمراكز التعليمية الألمانية في دولة الإمارات منذ عقود. ولكن العلاقات الثقافية الثنائية بين ألمانيا والإمارات تطورت كثيراً في السنوات الأخيرة. وقد يكون ازدياد التبادل التجاري بينهما هو أحد العوامل الرئيسية التي دفعت إلى تفعيل التبادل الثقافي والتعليمي. فعلى صعيد المدارس، فإن المدرسة الألمانية التي تتواجد في أبوظبي منذ تأسيسها عام 1976، بدأت في عام 2005 بقبول طلاب من دولة الإمارات العربية المتحدة. كما إنها ستقوم بتوسيع مناهجها لتتضمن مرحلة التأهيل لدخول الجامعات الألمانية والتي يُطلق عليها (شهادة الأبيتور).

أما المدرسة الألمانية في الشارقة فقد تأسست عام 1977، ويتلخص هدف المدرسة في تدريس أبناء الجالية الألمانية أو الناطقين بها مناهج الدراسة الألمانية حتى تسهل لهم عملية الانتقال إلى ألمانيا إذا رغبوا في العودة إلى بلادهم. كما ترتبط المدرسة بالثقافة والعادات الألمانية، وتهتم بالاحتفالات والأعياد والمناسبات الخاصة بألمانيا.

وبدورها، فقد أصبحت المدرسة الدولية الألمانية في دبي منذ العام الدراسي 2008/2009، واحدة من المدارس الألمانية المعترف بها في الخارج. وتتصف المدرسة بتنوع الثقافات، إذ أنها تنظر إلى تعارف الثقافتين الألمانية والعربية على أنه فرصة للطلاب كي يطلعوا على الثقافات الأخرى.

من جهة أخرى، قامت إدارة معرض فرانكفورت الدولي للكتاب في عام 2006  بتوجيه اهتمامها نحو الإمارات بشكل نشط، حيث أسست شركة "كتاب" بالاشتراك مع هيئة أبوظبي للثقافة والتراث. ويهدف هذا المشروع المشترك إلى دفع الكتاب ودور النشر إلى الأمام وإلى دعم