أكشاك منمنة وهدايا للأحباء

عيد الميلاد في فرانكفورت.. دفء ورومانسية وأجواء مفعمة برائحة التفاح والجوز والزنجبيل

تقدم أسواق عيد الميلاد في فرانكفورت من آواخر شهر نوفمبر إلى آواخر ديسمبر أجواء ساحرة والعديد من الخيارات بما في ذلك فنون الحرف اليدوية التقليدية، تخصصات الطهي، ومتجر للعسل. ويمتد هذا السوق من ساحة (ليبفراونبيرغ) في البلدة القديمة التاريخية مروراً بساحتي (باولسبلاتس) و(رومربيرغ) ووصولاً إلى  (ماينكاي).

 

بمجرد رؤية شجرة الميلاد المزينة أمام مبنى بلدية فرانكفورت (راتهاوس) ومبنى (رومر) التاريخي مرتفعة في السماء وتنعكس أضواء مصابيحها التي لا تعد ولا تحصى على النوافذ الرومانسية للمنازل النصف خشبية، فإن ذلك يعني أن سوق عيد الميلاد قد بدأ في مدينة فرانكفورت.

وتنتشر حول شجرة عيد الميلاد، التي تعد الأكبر في ألمانيا، أجواء مفعمة برائحة التفاح والجوز والزنجبيل، حيث تدعو هذه الأجواء الدافئة الناس إلى التجول بين الأكشاك والمنصات المنتشرة هناك للبحث عن هدايا لأحبائهم بمناسبة عيد الميلاد.

وكرمز واضح للغاية تضفي الشجرة على السوق روح عيد الميلاد، كما أنها في نفس الوقت تشكل مع مبنى البلدية (راتهاوس) والمنازل النصف خشبية في ساحة (رومربيرغ) والكاتدرائية التاريخية (باولسكيرشه) والأبراج الحديثة وناطحات السحاب التي تزين أفق فرانكفورت مشهداً خلفياً مفعماً بالتناقضات وبالأجواء المثيرة للإعجاب لواحد من الأسواق الأكثر تقليدية في ألمانيا.

وتقام أسواق عيد الميلاد في فرانكفورت منذ العام 1393. ولكن لفترة طويلة من الزمن لم يكن مسموحاً المشاركة فيها إلا لتجار فرانكفورت، أما اليوم فهناك الكثير التخصصات والأطباق والمنتجات المحلية والإقليمية التي يمكن شراؤها من السوق كالحلويات التقليدية والمخبوزات والفطائر والمعجنات، ومنها على سبيل المثال: (برنتن)، و(بتمينشن) وهي مصنوعة مصنوعة من مارزيبان مع اللوز ومسحوق السكر وماء الورد والدقيق والبيض، وكانت المفضلة بالنسبة للأديب الألماني الشهير غوته، و(كفيتشه مينشن) المصنوعة من الخوخ والجوز على هيئة دميتين صغيرتين تمثلان رجل وامرأة. وتعد جميع هذه الحلويات والمعجنات بمثابة منتجات عيد الميلاد النموذجية في فرانكفورت وتمتلك قروناً من التقاليد.

وبالإضافة إلى هذه الحلويات اللذيذة تقدم الأكشاك والمنصات المزينة، التي تمتد من وسط المدينة حتى ضفة نهر الماين، مواد وبضائع تقليدية مثل حلي عيد الميلاد وفنون الحرف اليدوية الحديثة ومنتجات فرانكفورتية نموذجية وتقليدية مثل (ديبه) ومنتجات خزفية.

ومن الأشياء الفريدة من نوعها بالفعل يبرز متجر العسل (هونيغ كاوفهاوس) في ساحة (باولسبلاتس). ففي منزل نصف خشبي يصل عمره إلى 300 عام، تم بناء هذا المتجر خصيصاً لفترة عيد الميلاد، حيث يتم في طابقيه عرض العسل، والمشروبات المصنوعة من العسل، والشموع ومنتجات أخرى مصنوعة من شمع النحل. ويمكن تجربة العديد من المنتجات وتذوقها أيضاً في صالة الاستقبال في الطابق الأول.

وبعد القيام بجولة في السوق فإنه من المستحسن تذوق بعض المشروبات الفرانكفورتية الساخنة اللذيذة من أحد الأكشاك المنتشرة هناك، فهي تجعل المرء يشعر بالدفء. ولا يعتبر سوق عيد الميلاد مجرد مكاناً للمتسوقين، بل إنه يعد أيضاً نقطة شعبية محبوبة للقاءات. كما أن أكشاك المشروبات الساخنة وعروض الوجبات الخفيفة بتنوعها تقدم للضيوف إطاراً رائعاً للقاء وتبادل أطراف الحديث وبالتالي تجعل من سوق عيد الميلاد تجربة لا تُنسى.

أما من يرغب بالتعرف على سوق عيد الميلاد وتاريخه وقصصه فيمكنه المشاركة يومياً في جولة إرشادية عبر السوق. فتحت عنوان "النبيذ الساخن (غلوفاين)، قصص ومعجنات. سوق عيد الميلاد في فرانكفورت بكل الحواس" يتعرف المرء أيضاً على فرانكفورت التاريخية والحديثة وشخصيات فرانكفورت. ويشمل ذلك أيضاً بعض العينات من الأطباق الخاصة بفرانكفورت.

وتصدح أبواق برج كنيسة نيكولاي القديمة (آلته نيكولاي كيرشه) في كل من أيام الأربعاء والسبت مالئة ساحة (رومربيرغ) بأنغام عيد الميلاد. كما يتم في عطلة نهاية الأسبوع عرض أهازيج عيد الميلاد الدولية على المنصة المتواجدة بالقرب من شجرة عيد الميلاد. وفي يوم السبت في الساعة الرابعة والنصف مساء تدق أجراس مدينة فرانكفورت، حيث يرن 50 جرساً من 10 كنائس داخل المدينة في عمل فني جماعي منظم. وفي القاعات الرومانية العريقة داخل مبنى البلدية (راتهاوس) يقوم فنانو فرانكفورت بعرض أعمالهم الفنية.

أما عند القيام برحلة بالقطار البخاري التاريخي على طول نهر الماين فإن الأجواء تصبح رومانسية تماماً بينما ينظر المرء إلى الضفة المقابلة للنهر ويتمتع بالمنظر الطبيعي الرائع، وفي نفس الوقت يمكن القيام أثناء ذلك باختيار النقطة القادمة من البرنامج. ولأن نزهة سوق عيد الميلاد ترتبط بشكل واضح بزيارة لأحد المتاحف الشهيرة في فرانكفورت، فإن زوار المدينة سيكونون سعيدي الحظ لأن (ضفة المتاحف) (موزيوم أُفر) الشهيرة لا تبعد سوى خطوات، وكذلك هو حال العديد من المعالم السياحية البارزة في المدينة.

ويعتبر التجول على طول (ضفة المتاحف) على نهر الماين غاية في الروعة. فهنا يجد عشاق الثقافة مجموعة متنوعة ورائعة من المتاحف، بدءاً من الهندسة المعمارية والأفلام ووصولاً إلى الفن الحديث، بالإضافة طبعاً إلى العديد من المقتنيات والمنحوتات القديمة.

وتزخر فرانكفورت أيضاً بمجموعة من البرامج الفنية والموسيقية والثقافية، حيث تشهتر بوجود عدد من دور الأوبرا والمسارح الشهيرة، مثل: أوبرا فرانكفورت، المسرح الإنكليزي، الأوبرا القديمة. وبينما تمثل أوبرا فرانكفورت جزءاً لا يتجزء من الحياة الثقافية في المدينة، فإن المسرح الإنكليزي يعد أكير مسرح باللغة الإنكليزية في القارة الأوروبية. أما دار الأوبرا القديمة فهي كعادتها تستقبل نجوم المسارح المحلييين والعالميين، وتقام فيها الكثير من الفعاليات.

يذكر أن لدى مدينة فرانكفورت مجموعة واسعة من الأحداث المثيرة المخصصة للسكان المحليين والزوار على مدار العام بأكمله. ففي الوقت الذي يعتبر فيه مهرجان ضفة المتاحف وسوق عيد الميلاد، على سبيل المثال، من أكبر الأحداث وأكثرها شعبية في حاضرة الماين، فإن المدينة تشهد احتفالات مثيرة أخرى، مثل مهرجانات الشوارع، التي تقام بانتظام في العديد من أحياء المدينة، بالإضافة إلى العديد من المعارض الخاصة الأخرى ومجموعة متميزة من الفعاليات الرياضية الوطنية والدولية الجذابة.