الحدائق الوطنية في ألمانيا.. مواجهات فريدة مع الطبيعة

 

إن إمكانية الغوص في عالم الطبيعة في ألمانيا هي تجربة فريدة يقدمها هذا البلد الساحرة لكل ضيوفه القادمين من مختلف أنحاء العالم واضعاً إياهم وجهاً لوجه مع أماكن لا مثيل لها. فهذا البلد الذي يعتبر من أغنى البلدان السياحية بالمناظر الطبيعية العذراء، يمنح المرء فرصة الدخول إلى عالم فريد ومتنوع. والجميل في الحدائق الطبيعية الوطنية في ألمانيا إنها توفر عنصري حماية الطبيعة والاستجمام مقدمةً الجمال الطبيعي في أبهى صورة يمكن أن تشاهدها.


هنا نقدم لكن إطلالة على عدد من أبرز الحدائق الوطنية في ألمانيا:


حديقة هامبورغ الوطنية
تمثل حديقة هامبورغ الوطنية ،التي تقع في بحر وادن شمالي ألمانيا، روعة الطبيعة الساحلية. فهي محاطة بمجموعة من الجزر الصغيرة التي تتواجد مباشرة عند مصب نهر الإلبه قبالة مدينة كوكسهافن وتضم ما يقرب من 12 ألف هكتار من المناطق الطبيعية لبحر وادن. فعلى الساحل الواقع في ولاية سكسونيا العليا، مباشرة عند مصب نهر إلبه أمام مدينة كوكسهافن، توجد ثلاث جزر تحدد الملامح الطبيعية لحديقة هامبورغ الوطنية في بحر وادن، اولتي تعد الأصغر من بين حدائق هامبورغ الوطنية الثلاث في بحر وادن: الجزيرة الخضراء التي يسكنها حوالي 40 فردًا "نويفيرك"، والجزيرة الرملية "شارهورن" والجزية الصناعية "نيغهورن".
وفي الأراضي الساحرة الواصلة إلى داخل أرض المد التي يتم فيها البحث عن أحجار الكهرمان، سوف يجد الزائر بانتظاره مستوطنات كبيرة لطيور السنونو البيضاء والحمراء والنهرية والساحلية. وبالإضافة إلى هذه المعايشات الطبيعية الفريدة لمنطقة المد، فإن هذه المنطقة الساحرة لديها كثير من الكنوز الثقافية لتقدمها لضيوفها القادمين من داخل ألمانيا ومختلف أنحاء العالم.

والأمر الأكثر إثارة هنا هو تاريخ جزيرة "نويفيرك" التي يمكن إثبات انتمائها لهامبورغ من واقع وثائق يرجع تاريخها إلى عام 1299. ومن خلال المسارات الموجودة على هذه الجزيرة، يستطيع الزائر المرور عبر الجزيرة المخضرة وحتى البرج الدفاعي عند مصب نهر الإلبه، وبقايا الآثار الهانزية. وكانت منطقة بيستون نقطة دعم هامة للصراع مع القراصنة. ومن النشاطات الأخرى الجديرة بالتجربة هو القيام برحلة بواسطة العربات التي تجرها الخيول في منطقة المد من منطقة "زالنبورغ"، وصولًا إلى جزيرة "نويفيرك" الخالية من السيارات أو القيام برحلة بواسطة الزوارق من "كوكسهافن "إلى جزيرة "نويفيرك"، إذ يمكنك هناك الاستمتاع بالعديد من التجارب الطبيعية، من بينها هجرة الطيور وحقول الملح وجولات استكشاف منطقة المد والاستمتاع بمعرض الكهرمان ذي الجمال الرائع.

وفي الطريق المؤدي من جزيرة "نويفيرك" إلى جزيرة "شارهورن"، يمر الزائر بخطوط سير على طول منطقة المد اللانهائية. وتتسم البقعة الرملية الأصلية لجزيرة "شارهورن" على وجه الخصوص بمستعمرات الطيور البحرية، وهي تمثل بذلك نقطة جذب للزوار. وكما هو الحال مع جزيرة الطيور الصناعية "نيغلهورن" التي تقتصر إمكانية رؤيتها على الزوار فقط، تبهر جزيرة شارهورن أيضاً زوارها بالمساحات الشاسعة من الطبيعة العذراء.

 

حديقة بايريشر فالد الوطنية
وفي ولاية بافاريا الواقعة أقصى جنوب ألمانيا توجد الحديقة الوطنية "بايريشر فالد"، التي تمثل بحق غابة برية بلا حدود. تم إنشاؤها في عام 1970 كأول حديقة وطنية في ألمانيا، وتم في عام 1997 توسيعها لتصل مساحتها الإجمالية إلى 243 كم مربع. وبفضل هذه المساحة، فإن حديقة بايريشر فالد الوطنية، مع حديقة زومافا (غابة بومر) الوطنية الواقعة على حدودها الشرقية، تعد أكبر محمية غابات متشابكة في وسط أوروبا. إن شعار حديقة بايريشر فالد الوطنية "اتركها تحيا بطبيعية" ينعكس أثره في التطور الحر للطبيعة وفقاً لقوانينها العريقة الأصيلة.


وسيجد الزوار في هذه الحديقة أجواء مفعمة بالترحاب الحار، ويمكنهم الاستمتاع بمساحة تزيد عن 300 كم من مسارات التجوال ذات التجهيز الجيد واللوحات الإرشادية، وما يقرب من 200 كم من مسارات الدراجات الهوائية، وحوالي 80 كم من مسارات التزلج في الصيف والشتاء، وهو ما يسمح لهم بمعايشة مواطن جمال الحديقة الوطنية عن قرب. ففي طريق رحلتك عبر منطقة الجبال الوسطى الأصيلة المغطاة بالغابات بنسبة تصل إلى 95%، ستجد بانتظارك مستنقعات طينية زاخرة بالأسرار وجداول جبلية كريستالية وبحيرة راخزلزيه، وهي البحيرة الثلجية الوحيدة ضمن الحديقة الوطنية. وهناك العديد من المعالم الأخرى، من بينها مثلاً، مسارات المعايشة المتنوعة، مثل طريق "فاتسليك هاين" و"شاختن أند فيلتسه" وطريق "زيلن شتايغ"، بالإضافة إلى منطقة التجوال العتيقة والغابات القديمة "راخل-فالكنشتاين" ومنطقة التجوال الصخرية.


أما المناخ البكر والذي يحمل الطابع المميز للقارة الأوروبية، حيث شهور الشتاء الطويلة المغطاة بالجليد، بالإضافة إلى فروق الارتفاعات الكبيرة التي تتراوح من 600 متر إلى 1453 متراً، فمن شأنه أن يوفر الشروط المثالية لحياة أنواع الحيوانات المحلية المتوطنة، مثل بوم الأوراسي وبوم الأورال والغراب الفحمي وثعلب الماء ولطهيوج الغربي وطهيوج البندق ونقار الخشب أوراسي ذو ثلاثة أصابع، وغير ذلك الكثير. وعند "نويشوناو" يمكنك أن تري بأم عينيك الكثير من أنواع الحيوانات في منطقة الحيوانات المفتوحة. وسيكون بانتظار اليافعين والصغار ساحة لعب الغابة والمخيم البري الأول على مستوى أوروبا أم فالكنشتاين، وهو يمثل تجربة فريدة من نوعها في قلب الطبيعة البكر.

 

حديقة بيرشتسغادن الوطنية
وفي جنوب بافاريا تقع حديقة بيرشتسغادن الوطنية وذلك ضمن أقدم محميات منطقة الألب. وتمثل هذه الحديقة عالم جبال الألب الساحر، حيث تحمل طابعاً مميزاً باعتبارها قطع من جبال الألب في بيرشتسغادن، وهي تتميز بجبالها الساحرة وطرق التجوال الملهمة والبحيرات والغابات ذات الجمال الرائع.


ومن شأن الجولات الفردية أو تلك التي تتم تحت إشراف مرشدين عبر منطقة الحديقة الوطنية أن تتيح فرص التمتع بإطلالة ساحرة على الجنة الطبيعية المكّونة من المناطق الصخرية البديعة ومساحات الردم ومنحدرات الألب والمساحات الخضراء اليانعة. وفي هذه الأجواء فلا ينبغي أن يفوتك القيام بجولة إلى بحيرة كونيغسزيه الشهيرة التي تقع بين منطقة فاتسمان الجبلية وشتاينرنيس مير وسلسلة جبال هاغن. كما أن جودة مياه الشرب الفائقة للبحيرة تعكس روعة الطبيعة الحالمة لهذه الحديقة الوطنية.


وكما هي الطبيعة متنوعة في منطقة بيرشتسغادن فإن عالم الحيوان متنوع أيضاً. هنا، ستكون من أصحاب الحظ الجيد لتصادف الأنواع الجبلية المميزة لمنطقة الألب، مثل الجدي وحوان المرموط والعقاب والأرنب الثلجي وسلمندر الألب، وقد تقابل في أحايين أخرى العقاب الذهبي الآخذ في الانقراض. وسيجد عشاق النباتات مرادهم هنا، ليكتشفوا بأنفسهم أنواع الزهور الفريدة، مثل زهور المريمية الزرقاء وزهور هاوسمان-مانشيلد وزهور تسفيرج الألب الأرجوانية.


وتقدم لك حديقة بيرشتسجادن الوطنية عرضاً غنياً بالتنوع من الجولات والأنشطة على اختلاف أنواعها، مثل الرحلات الجوالة ورياضات تسلق الجبال والتزلج على الجليد. ويسعد الزوار بصفة خاصة ركوب التلفريك "ينر زايلبان". فمن خلاله يمكنهم الوصول إلى حدود الحديقة الوطنية على ارتفاع 1800 متر. وهناك العديد من المعالم الأخرى التي تشتهر بها المنطقة، مثل منجم الملح في بيرشتسغادن وحمام فاتسمان الحراري وقصر بيرشتسغادن والكهف الثلجي ماركتشنيلنبرغ ومركز توثيق أوبرزالتسبرغ ودار كيلشتاين هاوس. ومن يرغب في الاستجمام بعد الانتهاء من جولة غنية بالتنوع والاستمتاع بأشهى المأكولات المحلية، سوف يجد مجموعة متنوعة من المطاعم والنزل وأماكن المبيت الجبلية التي تستقبل الضيوف بكل حفاوة وبخدمات مميزة.

 

حديقة شفارتس فالد الوطنية
وفي ولاية "بادن-فورتمبيرغ" في جنوب غرب ألمانيا، تدعوك الحديقة الوطنية "شفارتس فالد" إلى التمتع بالتجوال والاستجمام معاً. تصل مساحة حديقة شفارتس فالد الوطنية إلى 10.062 هكتاراً. وبفضل ارتفاعها الذي يتجاوز 1000 متر فوق مستوى سطح البحر، تتسم الطبيعة هناك بمناخ بكر وكثافة عالية بسقوط الأمطار. وتكتسب الحديقة طابعها الخالد الذي لا ينسى بفضل ما تحتويه جنباتها من غابات برية وغابات جبلية مختلطة وغابات المحميات العتيقة والمستنقعات الطينية والمدرجات الجليدية التي يرجع تاريخها إلى العصر الجليدي. وتجدر الإشارة إلى أن بعض المناظر الطبيعية في هذه الحديقة الطبيعية لا تزال تحمل طابعها الاسكندنافي المميز. كما أن محميات الغابات العتيقة، التي يرجع تاريخ بعضها إلى أكثر من 100 عام، تساهم في إبراز جمال وروعة الغابة السوداء الشمالية. فهنا لا يزال للطبيعة طابع عذري فريد.


وبفضل الإطلالات المرتفعة الساحرة ومرتفعات الغابة السوداء تكتسب هذه الحديقة الوطنية طابعاً في غاية الأناقة والشموخ وتدعوك في نفس الوقت إلى التمتع بالراحة والاستجمام والاسترخاء التام. كل ذلك حول الغابة السوداء إلى وجهة لجميع المخلوقات، بحيث لم تعد مقتصرة على النباتات والحيوانات، بل أصبحت ملاذاً للإنسان، لتتحول إلى ساحة واسعة للتعلم والتجارب والرياضات. وليس هنالك أجمل من ممارسة أنشطة التجول وركوب الدراجات الهوائية أو ممارسة الرياضات الشتوية أو الاسترخاء بكل بساطة في أحضان الطبيعة الساحرة والتمتع بلهواء العليل المنعش أو الغرق في التفكر والتأمل بعيداً عن ضغوطات الحياة اليومية وزخمها.

 


لمعرفة المزيد، يُرجى زيارة الموقع الإلكتروني التالي:
http://www.germany.travel/en/index.html