التقنيات الطبية تشكل نقطة قوة بالنسبة لاقتصاد شمال ألمانيا

تجمع علوم الحياة في منطقة شمال ألمانيا يوسع علاقاته مع المنطقة العربية

يتمتع القطاع الصحي في ولاية هامبورغ بقيمة عالية جداً وتحظى الصناعة الطبية فيها بشهرة واسعة وسمعة طيبة على الصعيد الدولي وفي المنطقة العربية. كما استطاعت الولاية في السنوات الأخيرة من تعزيز مكانتها وتوسيع علاقاتها مع منطقة الخليج بشكل عام ودولة الإمارات بشكل خاص. وتعمل اليوم العديد من شركات ولايتي هامبورغ وشليسفيغ-هولشتاين على اغتنام الفرص التجارية الموجودة في قطاع الصحة العربي. فعلى الرغم من الأزمة الاقتصادية، إلا أن المنطقة لا تزال زاخرة بالفرص التي يمكن اقتناصها والإفادة منها.

 

تقنيات المستقبل

مما لاشك فيه أن منطقة شمال ألمانيا تلعب دوراً كبيراً في القطاع الصحي، والفضل في ذلك يعود لمزودي الخدمات عالية الجودة، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على سمعة هامبورغ في المجال الطبي محلياً وعالمياً.

ويتميز أطباء وعلماء ولايتي هامبورغ وشليسفغ-هولشتاين بتواجدهم دائماً في المقدمة في مجالات الأبحاث والعلاج. ففي الوقت الذي يتمتع فيه الألمان بسمعة عظيمة في مجال ابتكار أفضل السيارات في العالم، فإن الجراحين في العيادات المتخصصة في تجمع علوم الحياة في منطقة شمال ألمانيا ((Life Science Nord معروفون بقدراتهم الكبيرة على مساعدة المرضى على استعادة الحركة، حيث يبذلون مجهوداً استثنائياً في زراعة مفاصل الأوراك الاصطناعية وغيرها من الأدوات الترميمية. لذا نرى المرضى من الدول العربية يفضلون الأدوات الاصطناعية الطبية المصنوعة في شمال ألمانيا.

وتمكنت المستشفيات الألمانية من الحصول على أرباح إضافية من علاج المرضى الخارجيين، ومنها على وجه التحديد المستشفى الجامعي شليسفيغ-هولشتاين ((UK S-H), والمستشفى الجامعي هامبورغ-إبندروف (UKE) وعيادة (إندو) (ENDO Clinic) التابعة لمجموعة دامب (Damp Group).

ومن المتوقع أن يرتفع الطلب في المستقبل على الخدمات المتخصصة إلى حد بعيد والمتوفرة في بضعة مراكز فقط حول العالم. ولهذا السبب، يقوم مركز الجامعة الطبي هامبورغ – إيبندورف بالتركيز على تسويق علومه وخدماته الاستشارية على شكل علامة تجارية طبية خاصة. وفي هذا الإطار، وحد المركز جهوده مع هلمان للخدمات اللوجستية العالمية  في العام 2006 لتأسيس شركة تابعة تحت اسم (UCM)  والتي توفر اليوم الخدمات الاستشارية والمساعدة في تطوير وإدارة المشاريع الصحية حول العالم.

 

ريادة طبية وخدمات دولية

ويعد المستشفى الجامعي هامبورغ – إبندورف (UKE) أكبر مستشفى في هامبورغ. كما يعتبر أكثر المراكز الطبية في شمال ألمانيا التي قامت بتنظيم وتوسيع دائرة علاقاتها استراتيجياً مع الدول الأخرى. فالمكتب الدولي للمركز يركز على احتياجات المرضى الأجانب والأطباء الضيوف، حيث يصاحب إقامة المريض فريق متفانٍ من المكتب الدولي يتولى كافة الشؤون الإدارية والتنظيمية قبل وأثناء وبعد إقامة المريض مع اهتمام خاص باحتياجاته الشخصية والثقافية وتلك المتعلقة بالسفر. ويصل عدد المرضى القادمين من الخارج ممن يتلقون الخدمات العلاجية المدفوعة في المركز سنوياً إلى 1,000 مريض، 30 في المئة منهم من الدول العربية.

ويوفر المستشفى الإقامة للضيوف العرب في مبناه الجديد، الذي يتضمن شقق بغرفة نوم واحدة وأخرى بغرفتي نوم. وتشمل الخدمات المقدمة أيضاً، الترجمة والصحف العالمية والمطابخ المتناسبة ومختلف الأعراق.

وبشكل عام توفر مستشفيات وعيادات شمال ألمانيا أيضاً خدمات خاصة بالضيوف القادمين من دول مجلس التعاون الخليجي تشمل غرف لممارسة الصلاة، ومجموعة من تسهيلات الرفاهية والراحة والاسترخاء التام أثناء وبعد تلقي العلاج إلى درجة يشعر فيها المريض وكأنه نزيل في فندق.

 

"صنع في هامبورغ"

ولا يعتمد نجاح شمال ألمانيا في القطاع الصحي على اللاعبين الكبار في سوق التقنيات الطبية من أمثال (فيليبس)، و(أولمبوس)، و(دريغر اند إبندروف) وحسب، إذ لا تنفك الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم بمفاجئة سوق الصحة العالمي بابتكاراتها الفريدة.

وليس هناك من منطقة أخرى في ألمانيا تملك هذا العدد المركز من الباحثين والمطورين والمنتجين ومزودي خدمات الرعاية الصحية والعيادات كما هو الحال في هامبورغ. وجميع هؤلاء يوفرون خدمات ومنتجات بمستوى عال وجميعها ممتدة بشكل كامل عبر مختلف الشبكات، ما يجعلهم قادرين على تلبية احتياجات أسواق الشرق الأوسط.

وفي الحقيقة فإن التكنولوجية الطبية التي تحمل علامة (صنع في هامبورغ) تحظى بطلب متزايد، لاسيما مع سعي منطقة الخليج إلى الاستفادة من برامج تبادل الأطباء ونقل المعرفة في مجال بناء المستشفيات والتأمين لتطوير الرعاية الصحية العامة في المنطقة بشكل مثالي.

 

الإمارات تجذب الشركات الألمانية

ومما لا شك فيه أن التعاون في المجال الصحي سينعكس بالفائدة على الطرفين، فالشركات الألمانية تتمكن من دخول أسواق جديدة تستثمر مليارات الدولارات في تطوير قطاعها الصحي، حتى في ظل الأزمة الاقتصادية، وفي المقابل تحصل الدول العربية على المنتجات والخدمات الصحية العالمية والتقنيات الحديثة والخدمات الاستشارية عالية الجودة والتدريب لأطبائها وطواقمها الصحية الشابة.

وتساهم منظمة علوم الحياة في منطقة شمال ألمانيا (Life Science Nord region) بشكل كبير في تحسين الرعاية الصحية في الدول العربية، وخاصة الدول الخليجية حيث يوجد نقص في الخبراء الذين يديرون هذا القطاع. وتكللت الجهود المبذولة، في إطار تقديم شمال ألمانيا كموقع للرعاية الصحية، بالعديد من اتفاقيات التعاون مع كل من مملكة الأردن، وجمهورية تونس، وسلطنة عُمان، ومملكة البحرين، وإمارة دبي خلال السنوات الأخيرة.

وتبقى دولة الإمارات والدول المجاورة لها منطقة جاذبة لشركات التقنيات الطبية الألمانية، التي ترى فيها فرصاً ليس لتوزيع منتجاتها وحسب، وإنما أيضاً لنقل معارفها من خلال توفير الخدمات والتدريب. وتعمل هامبورغ على تعميق التعاون مع مدينة دبي ودولة الإمارات في سعيها الرامي لإقامة نظام راق للرعاية الصحية ومرافق للبحوث.

وبمساعدة من تجمع علوم الحياة في منطقة شمال ألمانيا (Life Science Nord)، شاركت في السنوات الماضية عشرات الشركات والمستشفيات والعيادات من شمال ألمانيا في معرض الصحة العربي في دبي، حيث عرضت التقنيات الطبية المبتكرة والمنتجات فضلاً عن مجموعة واسعة من خدمات الرعاية الصحية من ولاية هامبورغ، شليسفغ-هولشتاين، مِكلِنبورغ-فوربومَرن، وساكسونيا السفلى. ومن الجدير بالذكر هنا أن الجناح الألماني في معرض الصحة العربي في العام الماضي تصدر قائمة الشركات العارضة مسجلاً أكبر تواجد للشركات الألمانية في المعارض المتخصصة في قطاع الرعاية الصحية خارج ألمانيا بمشاركة ما يزيد على 400 شركة.

 

ملتقى عربي ألماني

كما ينعقد ملتقى الصحة العربي الألماني الخامس في مدينة هامبورغ في 21 و22  مارس 2011، حيث تنظمه غرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية (Ghorfa) بالتعاون مع حكومة ولاية هامبورغ وغرفة التجارة فيها والمستشفى الجامعي هامبورغ-إبندورف وذلك بعد النجاح الكبير الذي حققه الملتقى الصحي العربي الألماني الرابع والذي شارك فيه عدد كبير من المختصين والمسؤولين في قطاع الصحة ورجال الأعمال من الدول العربية وألمانيا.

ويشكل الملتقى فرصة للخبراء والمختصين العاملين في القطاع الصحي للتواصل وتبادل الأفكار والتشاور في قضايا تخص مجالات عملهم، لاسيما وأنه يأتي في وقت يشهد فيه القطاع الصحي في العالم العربي تطورات كبيرة، إذ تسعى الدول العربية الى تنفيذ خطط طموحة تهدف الى توسيع ورفع مستوى الرعاية الطبية والخدمات الصحية متجاوبة بذلك مع تزايد عدد السكان وارتفاع مستوى المعيشة والأعمار وزيادة المداخيل الحكومية والفردية فيها ويصاحب ذلك استثمارات ضخمة لتشييد وتجهيز المستشفيات واستقدام التكنولوجيات الحديثة وتدريب الاختصاصيين ورفع مستوى أداء قطاعات الصحة وتوسيع مشاركة القطاع الخاص في التنمية الصحية.

وتضفي المواضيع المتعلقة بتخطيط وإدارة المستشفيات والاستدامة وتدريب عاملي قطاع الصحة طابعها على فعاليات الملتقى الصحي العربي الألماني الخامس وذلك بالإضافة إلى مواضيع السياحة العلاجية وطرق رفع مستوى الحياة الصحية عن طريق تحسين الإجراءات الوقائية.

 

إعداد: قيس الجاموس